الأحد، 8 يناير 2012

حكايات





هو :
 عامل مصرى  - من احدى قرى الدلتا  – فى نهايه العقد الثالث من عمره – ملامحه مصريه سمراء جميله- يستطيع بالكاد ان يكتب اسمه – بدأ حياه الغربه مبكرا فبمجرد ان انهى خدمته العسكريه سافر الى ليبيا و منها الى الاردن ثم الى الخليج
 ــحقيقه لا اعلم  عن تفاصيل تلك الفتره سوى انه كان يعمل فى مجال المعمار
كان يعتقد ان اخر خطواته مع الغربه هى نهايه عقده بالخليج ليعود و يتزوج و يبنى اسره فقد تقدم به العمر... لكن بعد عودته فاجاته حمى السفر لاوربا التى ملأت قريته و اصابت كل شبابها مع ما يتبع تلك الحمى من احاديث القريه المعروفه و المكرره
عن فلان اللى اشترى و بنى بيت  فى سنه واحده
و علان اللى راجع بمراته الخواجايه اللى بسم الله ماشاء الله ايه قمر
و عن و عن و عن
لم ياخذ بطلنا الكثير من الوقت لاخذ قرار السفر فقد داعبت جميع الافكار خياله فاخذ كل ما جمعه من اموال غربته و اعطاهم لسمسار السفريات فى رحله معروفه خطواتها من ليبيا الى ايطايا و منها الى عواصم اوربا المختلفه كلا حسب وجهته
هى : امراه فرنسيه – فى منتصف الاربعينات ( مع مراعاه فرق التوقيت بين المراه فى الغرب و فى الشرق ) ــ فرق اراه كبير مع كامل احترامى و تقديرى للمراه الشرقيه طبعاــ  لكنها بالفعل كانت تبدو اصغر عشر سنوات على الاقل من اقرانها شرقا – فهى مازالت تحتفظ  بقوام رشيق مع ملامح فرنسيه هادئه تغمرها دائما بابتسامه رقيقه جميله اعتادت عليها بحكم عملها – اذ تعمل على خط ترام بالعاصمه الفرنسيه –  لختم تذاكر الراكبين ( كمسارى ) .

المكان : ترام  ( 5 )  بالعاصمه الفرنسيه باريس حيث يستقله بطلنا  4 مرات يوميا  خلال فترتى عمله احدهم فجرا فى و قت  يكون ركاب الترام فيه  معدودين ...و مع مرور الايام و حيث ان صديقى اصبح زبون دائم معلوم المواعيد نشأت علاقه تواصل غريبه يصعب على العقل فهمها 
علاقه لغه الحوار فيها هى العيون – العيون فقط – كم هى قويه و نافذه تلك اللغه خاصه اذا ما تم تهجينها  بمصطلحات من لغه الابتسام فى خليط هو الاقدر على النفاذ للقلوب  
فبطلنا يا ساده لا يعرف من الفرنسيه الا كلمات تعد على اصابع اليد و ينطقها بالكاد  وبصوره مضحكه ...و لكنه كان يرى فيها الحلم بل اكثر من الحلم هى الامل  ففيها يستجمع كل مشاهد احلامه فى لقطه واحده شامله كامله
نعم و لما لا يا ساده – بمقاييس العقل – يراها تحقق كل احلامه فبزواجه منها سيتم تقنين اقامته بفرنسا مع ما يتبع ذلك من تحسين فى احواله الماديه و ارتفاع فى اجره و راحه فى طبيعه عمله و كل شئون حياته مع امكانيه ان يتحرك حرا داخل و خارج فرنسا بما يشمل ذلك من زياره اهله
و بمقاييس القلب و العاطفه ... هى اول من اهتز لها قلبه بهذه الصوره بعد سنين جفاء و سنوات عمل شاق .... ابتسامتها كانت تسحره ...جمالها كان ياسره  فهى اجمل من اجمل جميلات قريته التى كان يحلم بها فى صباه
المهم ان الفكره ملكت عقل بطلنا لدرجه انها اسرت حياته اصبح يحلم بها 24 ساعه بطريقه يصعب معها الوصف لدرجه انه كان كلما رانى او راى احد الاصدقاء الذين يعلمون عن اللغه يقضى وقته كله يساله ان يحفظ منه جمله او جملتين ليخبرها بهم فى الترام فيحصل على ابتسامه قد تصل الى درجه الضحكه فيذوب صاحبنا و يرقص قلبه طربا
اصدقكم القول لم يكن الامر بالنسبه لى سوى مجرد احلام بل هى  اوهام لرجل بسيط مبنيه على مجرد ابتسامه من امراه فرنسيه تؤديها بحكم متطلبات عملها ...فكيف لمن لا يملك لغه للتواصل ان يعبر للمشاعر ... و لكنى كنت اراه سعيدا راضيا بما يعيشه الى ان فوجئت به ذات يوم اتيا لى برقم هاتف و يطلب منى ان اكلمها و انقل لها رغبته فى لقاء يجمعنا –
كان بالطبع درب من دروب الجنون ان تطلب مثل هذا الطلب فى اتصال لاول مره بمن لا تعرفه و لكن امام الحاحه المدعوم بكل وسائل الرجاء من الاخوه و الصداقه و العشم و الاحتياج و.. و.. و.. 
لم استطع الرفض فاتصلت و انا اتوقع ان اسمع ما لن احب سماعه و لكن حمدا لله كانت السيده فى منتهى الرقه و الذوق الفرنسى الجميل و يالهول المفاجاه عندما وجدتها توافق على اللقاء فى مكالمه لم تستغرق اكثر من دقيقه انتظرها صديقى و كانها الدهر بلهفه فى عينيه صارخه لمعرفه الرد
اصدقكم القول لم استطيع اخفاء سعادتى عنه و هو كالطالب المنتظر نتيجته فما ان علم بالرد قفز قفزه فرح اعتقد انه طال بها نجوم السماء فى فرحه وقف قلمى لدقائق للبحث عن كلمات لوصفها فلم يجد فاترك لكم سادتى تخيل تلك الفرحه و اعلموا ان فرحته ايضا كانت اكبر مما ستتخيلون
و جاء موعد اللقاء و تسببت انا كعاداتنا فى ان نتاخر عن الموعد بضع دقائق لم تتجاوز الخمس فوجدناها تنتظرنا .. استقبلت اعتذارى عن التاخير بابتسامه راقيه ساحره لم تنس معها ان توضح ان التاخير هو ايضا من و قتنا .. اذ لن تستطيع ان تزيد عن ساعه معنا هى المقرره مسبقا فى جدولها ليوم اجازتها
و بدأ حديثا وجدت فيه امراه ناضجه  راقيه مثقفه – تعلم الكثير عن الشرق بحكم زياراتها – هادئه الملامح ــ  تتمتع بجمال للروح يغلف شخصيتها الساحره و حديثها الممتع الذى جعلنى اتردد كثيرا فى كيفيه ايصال طلب صديقى ــ فما اعلمه عنهم ـ   انها قد تكون قبلت الطلب بصفه صداقه عاديه او قد يكون العكس ـ  حقيقه ــ اشفقت على صديقى من ان يصدم و لكن الشخصيه تستحق المجازفه فاستجمعت كل شجاعتى و نقلت لها رغبته على استحياء و كم كانت الفرحه كبيره عندما وجدت منها قبول للفكره
عرضت السيده ظروفها فقالت انها تعيش الان وحيده بعد ان استقلت ابنتها بحياتها و انتقلت للحياه مع صديقها بمدينته كما انها هى شخصيا انفصلت عن صديقها مؤخرا و كانت فى منتهى الصدق عندما قالت انها وجدت فى صديقى من الحب و الحنان و الاهتمام بل و الاصرار و الرغبه الدائمه على التقرب منها ما جعلها تفكر فى خوض ما اسمته هى بالتجربه اذ قالت  فى منتهى الصدق المعهود انها بالفعل قد تحركت عواطفها نحوه و لكنها تجربه لكلانا ان اردنا نجاحها فيجب علينا بذل الكثير من الجهد.. فعليه ان يتعلم الفرنسيه و عليها ان تساعده  بالفعل كانت رائعه و راقيه بل محبه فهى ترى فيه العاطفه التى قد  تكون لم تراها  فى علاقاتها السابقه
على الطرف الاخر كان صديقنا على ناااااار منتظر النتيجه يسال عنها بعد كل فقره حواريه فى لهفه و خجل و لكن ما ان عرف حتى ارتسمت على وجهه علامات الفرحه الممزوجه بالرضا بل الامل فى مستقبل ملئ بالنجاحات و ظلت مرسومه  على وجهه حتى نهايه اللقاء ..
  يااااه حقا ان ملامحنا المصريه جميله عندما يرتسم على الوجه الرضا و الامل 
و تعددت اللقاءات بعضها فى حضورى و بعضها فى حضور اصدقاء من الطرفين و لكنى كنت الحظ دائما تطور فى العلاقه الا ان القدر لم يمهلنى لاعلم نهايه القصه اذ انتقلت للعمل خارج العاصمه و تباعدت المسافات و تباعدت معاها العلاقات لطبيعه مشاغل الحياه هناك و فقدت حتى وسيله للاتصال به فانتهت عندى القصه قبل الفصل الاخير

و لاننى لم اكن يوما من هواه النهايات المفتوحه يظل دائما السؤال يلح علي
هل نجحت العلاقه و استمرت ؟ هل نجح الحب فى كسر كل الفواصل ؟
هل عبرا معا كل الصعاب و الختلافات الفكريه و الثقافيه و الاجتماعيه ؟ 
هل تزوج جمال من برجرييت ؟
هل تغنى هى له الان مع شيرين با اطمنك
ام يستمع هو وحيدا لعمرو دياب فى اه من الفراق ؟

قالوا ان الحب جنون و اراها مقوله قد جانبها الصواب
فالجنون درجه من مقاييس العقل و الحب خارج اى مقاييس عقليه
فهو العاطفه الاعم الاشمل
ففيها تعيش الضحك و البكاء
الفرح و الحزن
الشوق و اللقاء
فيها تخطو حدود المعقول و تطئ ارض المستحيل
 عادل الجندى

ليست هناك تعليقات: